عاد موضوع تنظيم قطر لمونديال 2022 للواجهة من جديد من خلال تداول صحف عالمية لما قالت أنها "أدلة" على دفع قطر رشاوي، لكن مسؤولة بمنظمة الشفافية الدولية تطالب بتسليط الضوء على خفايا المنظومة الرياضية ككل وعلى دور اللوبيات.
لا يزال موضوع منح قطر شرف تنظيم كأس العالم لكرة القدم عام 2022 يثير الكثير من التفاعلات. فبعد أن طالب البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي، الاتحاد الدولي لكرة القدم ( فيفا) بإجراء تصويت جديد على استضافة مونديال 2022 بسبب ما سماه " بالممارسات المشبوهة التي رافقت التصويت" وأيضا بسبب الظروف "غير الإنسانية" التي يشتغل فيها عمال بناء المؤسسات الرياضية القطرية، طلعت مؤخرا صحفية " ميل اون صنداي" بمقال جديد تتهم فيه قطر بدفع حوالي 24 مليار دولار كأموال مشبوهة لأعضاء اللجنة التنفيذية التابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم من أجل حصولها على تنظيم البطولة.
واعتمد كاتب المقال، حسب ما نشرته صحيفة بيلد الألمانية، على تحرياته الخاصة وأيضا على ما تضمنه كتاب صدر الأسبوع الماضي بعنوان "اللعبة القذرة" للصحفيين البريطانيين هايدي بلاك وجونتان كالفيرت. وتضمن الكتاب قائمة بأسماء أبرز المستفيدين المفترضين من الأموال التي دفعتها قطر، والتي كانت ـ حسب الكتاب المذكور ـ عبارة عن صفقات تجارية "مقننة" وعقود رعاية لفائدة بعض الأندية والدول.
ميشيل بلاتيني على رأس القائمة
وتصدر القائمة التي نشرتها الصحيفة البريطانية، ميشيل بلاتيني، رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، والذي حسب المصدر نفسه تلقى مبلغ 14.72 مليار جنيه إسترليني في صورة عقود لشراء طائرات إيرباص لقطر، وحقوق البث في قناة “ليج 1″ التلفزيونية. أما ثاني "المرتشين" حسب " ميل اون صنداي" هو نيكولاس ليبوز من الأورغواي، الذي يفترض أنه حصل على 1.33 مليار جنيه إسترليني، في صورة عقود للبنية التحتية.
وضمت القائمة التي نشرتها الصحيفة أيضا عيسى حياتو، رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، الذي يفترض أنه حصل على مليون جنيه إسترليني، ثم أنخيل ماريا فيار إيون، رئيس الاتحاد الإسباني لكرة القدم، الذي تزعم الصحيفة حصوله على 150 مليون جنيه إسترليني في صورة عقود لرعاية نادي برشلونة من الخطوط الجوية القطرية.
كما اتهم الكتاب والصحيفة البريطانية الرئيس السابق للاتحاد الأسيوي القطري محمد بن همام بتوقيع شيكات أخرى قيمتها 4.8 مليون جنيه إسترليني لعيسى حيات كهبة من قطر لدفع التنمية في الكاميرون.
وتوخيا للشفافية وإيمانا بحق الرد والرغبة في الإطلاع على رأي الطرف الآخر في هذه الاتهامات، راسل موقع DW الاتحاد القطري لكرة القدم من أجل معرفة رأيه في الموضوع، لكن الموقع لم يستلم ردا من المشرفين على شؤون الكرة في قطر.
" تسليط الضوء على المنظومة الرياضية ككل"
غير أن عضو مجلس إدارة منظمة الشفافية الدولية في ألمانيا سيلفيا شينك، تعارض اتهام قطر بشراء تنظيم مونديال 2022. وتقر شينك بأن كل ما قيل حول تمويل قطري لمشاريع دولية لا يستدعي الاستغراب بسبب الدور الذي تقوم به اللوبيات (أو جماعات الضغط) في مختلف المجالات ومن بينها الرياضية، لكنها ترفض أن تُتهم قطر هكذا ببساطة بشراء أصوات المسؤولين من أجل نيل حق تنظيم كأس العالم.
وتضيف عضو الشفافية الدولية في حوار نشرته صحيفة بيلد الألمانية " لا بد من تسليط الضوء على المنظومة ككل، وليس فقط بالنسبة لقطر فحسب وإنما أيضا بالنسبة للدول التي نافستها على تنظيم مونديال 2022 كالولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وكوريا الجنوبية واليابان." وتابعت شنيك قائلة "روسيا بالتأكيد استثمرت في الخارج من أجل الحصول على حق تنظيم كأس العالم 2018".
وحتى الأموال التي دفعتها قطر للاتحادات الكروية والتي بلغت حسب صحيفة " ميل اون صنداي" 7 ملايين يورو لإفريقيا و 1,4 مليون لآسيا، لا يمكن وصفها حسب المنظمة الدولية للشفافية بالرشوة. وفي هذا الصدد قالت شينك "ألمانيا أيضا تقوم بدعم الرياضة في بلدان أخرى. فهذا يدخل في إطار العولمة. فالكثير من الأموال تضخ في حسابات اتحادات الكرة في إفريقيا من أجل تطوير اللعبة. لذلك فلا بد هنا من توخي الدقة بشكل كبير".
وبين اتهام قطر بدفع رشوة لتنظيم المونديال ونفي الأخيرة المتكرر لذلك، يبقى الأكيد على الأقل في الوقت الحالي هو أن بطولة 2022 ستجري على الأراضي القطرية وفي فصل الشتاء، وليس في الصيف كالمعتاد، عدا ذلك تبقى كل الأمور الأخرى اتهامات في غياب لجنة محايدة تتولى التحقيق في الموضوع بشفافية.
الكاتب: هشام دريويش
© www.dw.de