أثارت حلقة من مسلسل "التاج" (The Crown) على شبكة نتفليكس الجدل مجددا بشأن القصة الحزينة لابنتي خال الملكة إليزابيث الثانية، والسرّ الدفين الذي عملت العائلة المالكة على إخفائه عشرات السنين.
وفي تقرير نشرته صحيفة "لوفيغارو" (Le Figaro) الفرنسية، تقول الكاتبة سيغولين فورغار إن البحث عن معلومات في شبكة الإنترنت عن الشقيقتين نيريسا وكاثرين باوز ليون لن يكشف عن الكثير من الأسرار، لأن البلاط الملكي عمل مدة طويلة على إبقاء كل ما يتعلق بالفتاتين طيّ الكتمان.
وتؤكد الكاتبة أن الموسم الرابع من مسلسل "ذا كراون" الذي تبثّه شبكة نتفليكس، سلّط الضوء من خلال الحلقة الرابعة التي تدور أحداثها في ثمانينيات القرن الماضي، على بعض التفاصيل المثيرة عن الشقيقتين. كما أن فيلما وثائقيا كشف سابقا عما عاشته نيريسا وكاثرين من تجاهل وعزلة.
ولدت نيريسا باوز ليون في الـ17 من شباط 1919، وشقيقتها كاثرين في الرابع من يوليو/تموز 1926، من زواج أرستقراطي جمع جون باوز ليون شقيق الملكة الأم إليزابيث باوز ليون، وفينيلا هيبورن ستيوارت فوربس تريفوسيس. ولم تسنح لهما الفرصة ولأخواتهما الثلاث الأخريات للتعرف على والدهما إلى حين وفاته عام 1930 بسبب التهاب رئوي.
ووفقا للكاتبة، فقد كانت الشقيقتان نيريسا وكاثرين تعانيان إعاقة ذهنية، في وقت عُدّت فيه الإعاقة من المحرمات في المجتمع البريطاني، وهو ما فسّره الأستاذ بالجامعة المفتوحة جان والمسلي في 2011 قائلا "الطفل الذي يعاني إعاقة يُعد عنصرا غير مرغوب به في العائلة".
لذلك كان آخر شيء تريد العائلة المالكة أن يظهر للعلن في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، عندما كانت إليزابيث على وشك تولي الحكم وعمرها 25 عامًا فقط، هو موضوع فتاتين ملكيتين من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وتقول الكاتبة إنه تم إرسال الشقيقتين عام 1941 إلى مستشفى "إيرلسوود" الملكي للأمراض العقلية جنوب لندن، وتمّ التستر عليهما، حتى إن كتاب "طبقة النبلاء" الذي وضعه عالم الأنساب جون بورك ويضم سير أفراد العائلة المالكة البريطانية، أعلن أنهما توفيتا.
وكان العاملون في المستشفى يعلمون أن نيريسا وكاثرين هما قريبتا الملكة إليزابيث الثانية، ملكة إنجلترا المستقبلية، لكنهم لم يفشوا السر.
هل خططت العائلة الملكية لكتمان هذا السر؟ يبقى هذا السؤال دون إجابة قاطعة كما تقول الكاتبة.
وتشير الحلقة الرابعة من الموسم الرابع لمسلسل "التاج" إلى أن الملكة إليزابيث ووالدتها كانتا على علم بالظروف التي تعيشها الشقيقتان نيريسا وكاثرين في المستشفى، لكنهما زعمتا في لقاء جمعهما مع إحدى الصحف عام 1996 أنهما تجهلان الأمر.
ووفقا لصحيفة "ذا صن" (The Sun)، فإن الملكة ووالدتها تلقتا رسالة من المستشفى عام 1982، وقامتا منذ ذلك الحين بإرسال الأموال للشقيقتين في احتفالات رأس السنة وفي ذكرى ميلادهما.
لم ينتشر الخبر في وسائل الإعلام حتى منتصف الثمانينيات، بعد وقت قصير من وفاة نيريسا عام 1986 عن عمر يناهز 66 عامًا. أما شقيقتها كاثرين فقد توفيت عام 2014 عن عمر يناهز 85 عامًا، دون أن تُكشف الكثير من التفاصيل.
تضيف الكاتبة أن فيلما وثائقيا بثّته القناة الرابعة البريطانية عام 2011 سّلط الضوء أيضا على ما حدث لنيريسا وكاثرين باوز ليون. وقد صرحت عدد من الممرضات في الفيلم أن الشقيقتين لم تحصلا على أي هدايا أو حتى بطاقات تهنئة، رغم أن عمّتهما الملكة الأم ترعى جمعية "مينكاب" الملكية التي تُعنى برعاية ذوي الإعاقات الذهنية.
وعندما توفيت نيريسا عام 1986 لم يحضر الجنازة أي فرد من أقاربها، ولم يكن أحد يعرف قبرها الذي لم تكن تُميّزه إلا علامة بلاستيكية ورقم متسلسل، قبل أن تكشف وسائل الإعلام عن الخبر.
بعد ذلك، رأت العائلة أنه من المناسب تحضير قبر لائق، ولم يأت أحد لزيارة كاثرين التي كانت لاتزال على قيد الحياة حينها.
وقد صرحت أونيل بريثويت، الممرضة السابقة في المستشفى الملكي للأمراض العقلية، بعد عرض الفيلم الوثائقي "لقد كانتا شقيقتين جميلتين. لم تكونا تتبادلان أطراف الحديث، بل تكتفيان بالإشارة بالأصابع وإصدار الأصوات. عند التعود عليهما، يمكن فهم ما تقولانه. ربما لو أنهما تلقتا علاجًا للنطق، لكانتا أقدر على التواصل بشكل أفضل. كانتا تفهمان ما يحيط بهما أكثر مما نتصور".
وتختم الكاتبة بأن مستشفى إيرلسوود الملكي للأمراض العقلية أُغلق عام 1997، وقد ذكرت صحيفة "ديلي ميل" (Daily Mail) أن ممرضة سابقة على الأقل كشفت عن سوء معاملة المرضى في المركز. وبعد إغلاقه، أُرسلت كاثرين إلى مركز لرعاية المسنين في مقاطعة سري جنوب لندن، وهناك أيضًا لم يزرها أحد من أفراد العائلة المالكة.