سينتيا عواد - جريدة الجمهورية
ليست المأكولات الشهيّة وحدها تُزيّن سُفرتنا مساء السبت المُنتظر لوداع عام 2016 بكلّ أفراحه وأحزانه واستقبال الـ2017، إنما تحتلّ الكحول بدورها مساحة لا يمكن الإستهتار بها، خصوصاً أنها تؤثّر كثيراً في الجسم. ما الذي عليكم معرفته عن هذا الموضوع قبل شرب نخب أيّ شخص عزيز أو مناسبة سعيدة؟
أوضحت إختصاصية التغذية راشيل قسطنطين، لـ«الجمهورية» أنّ «المشروبات الروحية تحتوي نسبة معيّنة من الكحول، وتكون مخمّرة أم مقطّرة سواء أكان مصدرها الفاكهة كالعنب، والتمر، أو الحبوب كالقمح، والشعير، والذرة. أمّا المُركّب الرئيسي الموجود فيها فهو الـ«Ethanol» الذي يرمز إلى الإسم العلمي للكحول».
وأكّدت أنّ «الكحول تزوّد الجسم عموماً بسعرات حرارية عالية جداً، لذلك يُنصَح بتفاديها عند الرغبة في خسارة الوزن الزائد. يرجع سبب ذلك إلى أنها تزوّد الجسم بـ7 كالوري لكلّ غرام، في الوقت الذي تحتوي فيه الدهون 9 كالوري لكلّ غرام، والبروتينات والنشويات 4 كالوري لكلّ غرام. لسوء الحظّ، معظم الأشخاص لا يحتسبون عادةً السعرات الحرارية المتوافرة في الكحول، لا بل إنهم يجهلون كالوريهاتها التي تُعتبر فارغة لافتقارها إلى المواد المفيدة كالفيتامينات والمعادن».
ميزات أشهر الأنواع
وتحدّثت قسطنطين عن خصائص أهمّ أنواع الكحول لمعرفة التمييز بينها، وبالتالي الإفادة منها بطريقة صحيحة وآمنة:
• النبيذ: يكثر استهلاكه خلال هذا الموسم، وهو يُعتبر من أفضل أنواع الكحول. يتمّ تصنيعه من خلال تخمير عصير العنب، وله فوائد عديدة خصوصاً النوع الأحمر لاحتوائه مضادات أكسدة على رأسها مادة الـ«Resveratrol». تبيّن أنّ كمية معتدلة من النبيذ الأحمر الغنيّ بالحديد تساعد على الوقاية من السرطان وإبطاء نموّ الأورام، وتساهم في الوقاية من أمراض القلب والشرايين.
كذلك توصّل العلماء إلى أنّ كأساً واحدة من النبيذ قد تُطيل مدّة الحياة، وتزيد مستوى الكولسترول الجيّد في الدم (HDL)، وتُبطئ تطوّر الإضطرابات العصبية عند مرضى الألزهايمر والباركنسون،، وتلعب دوراً في حفظ فاعلية الذاكرة، وتُسرّع شفاء الأشخاص الذين يشكون من آلام المفاصل. كأس واحدة من النبيذ الأبيض أو الأحمر (175 ملل) تحتوي 120 كالوري.
• البيرة: مصدرها الشعير، وتحتوي عدداً من مضادات الأكسدة وكمية كبيرة من الماغنيزيوم في مقابل نسبة ضئيلة من الكالسيوم، ما يمنع تشكيل حِصى الكِلى. وبما أنها تُدرّ البول، تساهم في تنقية الجسم من الأملاح والسموم لتحافظ بذلك على صحّة الكِلى. تحتوي البيرة ما بين 4 إلى 6 في المئة من الكحول، وكلّ زجاجة عادية تؤمّن 150 إلى 200 كالوري، أمّا اللايت ما بين 90 إلى 100 كالوري.
• الويسكي: نوع من المشروبات الروحية المقطّرة من الحبوب المخمّرة، كالقمح، والشعير، والذرة. بيّنت دراسات عديدة أنه يساعد على الوقاية من أمراض القلب، وتصلّب الشرايين، والجلطات الدماغية لقدرته على زيادة قطر الأوعية الدموية. إستناداً إلى دراسة أميركية شملت 50 رجلاً وامرأة، تبيّن أنّ الرجال الذين يحتسون الويسكي يومياً إنخفض لديهم خطر الإصابة بتصلّب الشرايين بنسبة 41 في المئة مقارنةً بمن يكتفون بهذا النوع من الكحول مرّة أسبوعياً.
أمّا بالنسبة إلى النساء، فقد تقلّصت الخطورة بنسبة 13 في المئة عند اللواتي احتسينه يومياً مقارنةً بنظيراتهنّ اللواتي لا يشربنه سوى مرّة واحدة في الأسبوع. ويُرجّح العلماء أن يرجع تأثير الويسكي الإيجابي في صحّة الذكور خصوصاً إلى أسباب هرمونية، لكن يُنصح بعدم تخطي الكأس الواحدة يومياً (125 ملل) التي تحتوي 270 كالوري.
• العَرَق: يُعتبر من الكحول الغنيّة بالسعرات الحرارية، ويتمّ تقطيره باليانسون ما يُضيف إليه نكهة معطّرة. يُستهلَك بكميات قليلة مخفّفة بالمياه، وله منافع عديدة إذا تمّ احتساؤه بكميات معتدلة، على غرار المشروبات الأخرى. كأس العرق (25 ملل) تحتوي 50 كالوري.
أما بالنسبة إلى الوحدات الحرارية الموجودة في باقي المشروبات، فأشارت خبيرة التغذية إلى أنّ «كأس فودكا (125 ملل) تحتوي 270 كالوري، وشامبانيا 92 كالوري، ومارغريتا 185 كالوري، والمارتيني 210 كالوري، والتكيلا 219 كالوري، والجن تونيك 140 كالوري، والبراندي 253 كالوري، والآيرش كريم 218 كالوري».
مشكلات مُحتمَلة
وشدّدت على ضرورة الإكتفاء بكأس واحدة للنساء وكأسين للرجال في اليوم، وإلّا تسبّب تخطّي هذه الجرعة بمشكلات صحّية خطرة تشمل:
• زيادة الوزن لأنّ هذه المشروبات غنيّة بالسعرات الحرارية التي يتمّ تخزينها في الجسم على شكل دهون تتكدّس خصوصاً في منطقة البطن التي تُعتبر الأخطر على الإطلاق. فضلاً عنّ أنّ الكحول تحفّز الشهيّة، وعند احتسائها تترافق عادةً مع استهلاك كمية كبيرة من الطعام الذي يحتوي بدوره كالوريهات فارغة كرقائق التشيبس، والمكسرات، والبذور. لا شكّ في أنّ كثرة الوحدات الحرارية تسبّب زيادة الوزن والبدانة، وبالتالي تعزّز خطر الإصابة بأمراض القلب، والسكري، وبعض أنواع السرطان.
• جفاف الجلد والقضاء على نضارته، وإبطاء الدورة الدموية، ما يولّد إنتفاخات وهالات سوداء خصوصاً في منطقة العينين بسبب إحتباس السوائل. ناهيك عن أنّ كثرة الكحول تمنع الجسم من امتصاص الفيتامينات والمعادن الحيوية المهمّة لصحّة البشرة بطريقة جيّدة. أمّا التمسّك بهذه العادة لفترة طويلة فيُعرّض الجلد للإكزيما وداء الصدفية بسبب تلف الأوعية الشعرية وتهيّجها.
• تعزيز خطر الإصابة بأمراض عديدة أهمّها تشمُّع الكبد، وإرتفاع مستويات التريغليسريد في الدم، والإصابة بإلتهاب البنكرياس المُزمن، والضغط المرتفع، والإجهاض، والنوبات القلبية. جنباً إلى تعزيز الإصابة بأنواع عديدة من السرطان خصوصاً الكبد، والمعدة، والحلق، والحنجرة، والمصران، والثدي.
نصائح تُجنّبكم المخاطر
لكن لحُسن الحظّ يمكن الإفادة من الكحول وتفادي مخاطرها من خلال النصائح التالية التي قدّمتها قسطنطين أخيراً:
• تفادي شربها على معدة فارغة لأنّ ذلك يزيد احتمال الإصابة بسرطان المعدة، كما أنّ الجسم يمتصّها بكمية أكبر فيزداد مفعولها.
• شرب الكثير من المياه قبل إحتساء الكحول وخلاله وبعده لأنّ ذلك يخفّض من تأثيرها في الجسم. من جهة أخرى، بما أنّ الكحول تُدرّ البول وتسبّب الجفاف، لا بدّ من شرب كمية جيّدة من المياه لحمايتها من هذه المشكلة، والحفاظ على صحّة الدورة الدموية ووظائف الجسم الحيوية.
• يجب عل مرضى السكري تفادي الكوكتيل الذي يضرّ صحّتهم لتأثير الكحول المختلط من جهة، والكمّ الهائل من السكّر من ناحية أخرى.
• الإنتباه إلى كمية المأكولات المستهلكة أثناء احتساء المشروبات الروحية لأنّ هذه الأخيرة تزيد الشهيّة وتدفع إلى الأكل بجرعات عالية.
• عدم خلط الكحول مع مشروبات الطاقة لأنّ ذلك يؤدي إلى الإصابة بالثمالة اليقظة. إحتواء مشروبات الطاقة نسبة عالية من الكافيين يؤدي إلى حجب حالة الثمالة والتأثيرات الجانبية التي تسبّبها الكحول. ناهيك عن أنّ المواد المتوافرة في المشروبين تتفاعل بشكل مُعاكس، بحيث إنّ الكافيين تُنشّط الجهاز العصبي بعكس الكحول التي تساعد على استرخاء الأعصاب، ما يدفع الشخص إلى استهلاك هذه المشروبات بشكل أكبر وأسرع من دون الشعور بمفعولها، وهنا تكمن خطورة هذا المزيج.