بعيداً عن الحروب الافتراضية "الخشنة" التي تشهدها ساحات وسائل التواصل الاجتماعي على خلفية معركة حلب، والتي قد تتفوّق في "أسلحتها" الطائفية والمذهبية البغيضة على ما يدور على جبهات القتال حتى، حربٌ من نوعٍ آخر، لا يخلو من "النعومة"، رُصِدت خلال الساعات الأخيرة، بعنوان "امرأة لا يحبّها الرجال".
هكذا، وبجوٍ يتسم بالشدّة حيناً والظرافة حيناً آخر، اختار رواد مواقع التواصل تحديد "المواصفات" التي لا يحبّونها في المرأة، أو تلك التي يعتقدون أنّ الرجال بشكلٍ عام لا يحبّونها، أو يهربون منها، لأسبابٍ واعتباراتٍ وحساباتٍ مختلفة، علمًا أنّ ناشطين من مختلف الدول العربية شاركوا في هذا النقاش، الذي تحوّل سريعًا إلى أحد الوسوم الأكثر تداولاً في المنطقة ككلّ.
وعلى الرغم من أنّ الآراء بدت متباينة ومتفاوتة إلى حدّ كبير، فإنّ عدداً لا بأس به من الرجال اتفقوا على بعض المواصفات، حيث رأى أبو يزن أنّ المرأة التي لا يحبّها الرجال هي تلك المرأة التي تتّصف بأنّها "سيئة المعشر، سليطة اللسان، المبذرة، المهملة، والتي تفشي أسرار بيتها"، ليضيف عبد الله السلمان صفاتٍ أخرى من قبيل "النكدية، المتسلطة، الشرسة، غير الصادقة، السلبية المنعزلة، الشكاكة، العنيدة، الروتينية، والمكشرة"، وكذلك "المرأة المتبرجة، التي تحب القيل والقال، ولا تمل من السؤال"، كما قال أحمد بن سعد القرني.
أما عبد العزيز الظفيري، فتحدّث عن خمس نساء لا يصلحن برأيه للزواج: "قليلة الدين، قليلة الاخلاق، زائغة النظر للرجال، البخيلة على نفسها ، وسيئة المزاج"، فيما أضاف خليل الكردي إلى هذه المواصفات "الغادرة، المسترجلة، المقصّرة في حقوق شريكها، صاحبة الصوت المرتفع، الجاهلة، المهووسة بالمظاهر"، واكتفى خالد العتيبي بوصفٍ واحدٍ يجعله ينفر من النساء، ألا وهو "البرودة".
وفي حين اعتبر "طائر الفينيق" أنّ المرأة التي لا يحبّها الرجل عمومًا هي تلك "التي تعتقد أن الذي خلقها لم يخلق سواها"، أقرّ مهند محمد بأنّ المرأة عديمة الثقة في نفسها لا تستهويه، ورأى محمد السعوي أنّ المرأة التي لا يحبّها الرجال هي "الجريئة التي لا حياء فيها"، فيما أضاف ابراهيم مزيّن بعض المواصفات من قبيل "ذات اللسان والقيل والقال ولا ودّ لها لزوجها ولا حنان لها لأسرتها"، ولم يكتفِ بذلك بل ذهب لحدّ النفور من المرأة غير النظيفة وغير الأنيقة، وصولاً حتى التي "لا تجيد الطبخ"!
وبموازاة هذه الآراء "الذكورية" إلى حدّ كبير، كان لافتاً قيام بعض الرجال بما يشبه "النقد الذاتي"، بحيث ألمحوا إلى أنّ الرجال ينفرون فعليًا من المرأة الذكية والقوية، لا العكس. وفي هذا السياق، رأى ابراهيم المنيف أنّ المرأة التي لا يحبها "أشباه الرجال"، وفق توصيفه، هي التي تطالب بحقوقها، لأنه يعتبرها متمرّدة، والتي تريد الاستقلال برأيها، لأنّه يعتبرها تابعة له. وعلى المنوال نفسه، اعتبر مشاري الغامدي أنّ الرجال يخافون من النساء اللواتي ينافسنهم بقدراتهن، ويتمتعن باستقلالية بذاتهنّ، الأمر الذي أيّده فيه نعمان القحطاني حين رأى أنّ الرجال لا يحبّون المرأة "المتعلّمة والمستقلة بذاتها والجريئة والقوية والحرة والمفكّرة".
ولم تترك النساء الساحة محتكَرة من قبل الرجال، فكانت لهنّ آراؤهنّ الخاصة أيضاً، إذ اعتبرت أسماء البلوشي أنّ الرجل يشعر أنّ المرأة الذكية تنافسه، ولذلك فهو يخاف من الاقتراب منها لأنّها إن غلبته قد تهتزّ شخصيته، ورأت منى شبيب أنّ المرأة المتفوّقة في العلم والمراكز العالية هي التي ينفر منها الرجل، متفقة بذلك مع سمارا الجهني التي رأت أنّ الرجال يبتعدون عن المرأة قوية الشخصية، الواعية، المثقفة، المطالبة بحقوقها، "فهم يعشقون الخاضعة الذليلة تحت مسمى الحياء"، على حدّ تعبيرها. أما رغد الفيصل، فاعتبرت أنّ "العربي لا يخشى على مجتمعه من العاهرة بل يتنافس وأقرانه عليها، ولكنّه يخشى في المقابل الحرة الواعية القوية وينعتها بالعاهرة ليعوّض عن شعوره بالتقزّم أمامها".
وسط ذلك، لم تخلُ بعض التعليقات من "الظرافة"، حيث اعتبرت زينب فواز أنّ المرأة التي لا يحبّها الرجال هي "حماتهم"، في حين لجأت بعض الفتيات لإبداء عدم اكتراثهنّ بكلّ ما يُقال، كما فعلت زينب، التي قالت: "نحبّ أنفسنا، وهذا يكفي"، وأيّدتها كوثر، التي اعتبرت من السخافة بمكان أن يظنّ بعض الرجال أنّ النساء يحتجن لشهادتهنّ، في حين اختصرت ألين فهد القصّة بالقول: "آخر همّنا". وفيما دعت زهراء النساء إلى تدوين الملاحظات ليعرفن كيف يتركن الرجال بعيدين عنهنّ، ذهبت إحدى الناشطات إلى القول أنّها استفادت كثيراً، لتفعل تحديداً كلّ ما لا يحبّه الشباب.
وإذا كانت الزميلة إيمان ابراهيم خلصت إلى أنّه "لا يوجد امرأة لا يحبها الرجال"، باعتبار أنّ "الرجال يحبّون كل النساء الى ان يصبحن زوجاتهم"، فإنّ التوصيف الأفضل يبقى ذلك الذي أطلقه ناصر القحطاني حين قال أنّ "الرجل لا يبحث عن أجمل أنثى بالعالم، إنما يبحث عن أنثى تجعل له العالم أجمل"، وما أحوجنا بالفعل إلى عالمٍ أجمل على كلّ المستويات...
© www.elnashra.com